مقالات صالح محمد العراقي

واعز… وماعز

سبتمبر 6, 2020

من المعروف عند الجميع ان الماعز تعلف كل شي امامها من دون ان تتحرى عنه، وهو مثال جيد وجلي للنفس الامارة بالسوء من حيث انها لا تتورع ولا تتجنب المحرم والممنوع عنها مهما كانت نتيجة التسافل.

ومن المعلوم ايضا ان النفس الامارة بالسوء نفس حيوانية شهوية لا ترتدع، بل تبتلع كل ما هو امامها كالمعز والسخال، لا فرق بينهما الا من ناحية ان النفس لها عقل ولا تستعمله عكس العجماويات والحيوانات التي لا عقل لها.

ومن ضمن ما يسيل له لعاب النفس الامارة بالسوء مهما كان قبيحا ومُبتذلا هو (المواقع الاباحية)، الذي صار عند البعض يسري في دمائهم حتى وصل الامر الى مبادرة لشجب الحجب.. اعني حجب المواقع الاباحية، ذاك القرار الذي اتخذه البرلمان العراقي مؤخرا.

متناسين ان هناك برامج لكسر هذا الحجب والوصول الى تلك المواقع بسهولة، قد لا تجعل من قرار الحجب الا اضحوكة، او تافها الى حد ما،

مضافا الى ان الشائع في البلد: (ان كل ممنوع مرغوب)، اذن الحجب سيؤدي الى السعي الجاد والحثيث من بعض النفوس الضعيفة الى الوصول الى تلك المواقع اللااخلاقية، ولن يوقفهم عن ذلك شيء على الاطلاق.

لكن لا يمكن القول ان قرار الحجب امر غير جيد، بل هو على اقل التقادير سعي خامل ومتأخر لابعاد شبح التسافل عن الشعب الذي صار الكثير منهم اسيرا له.

لكن الاهم من قرار الحجب هو (الواعز) النفسي والتكاملي وايجاد الرادع النفسي الحقيقي عن مشاهدة تلك المواقع.. وحيث وُجـِدَ الواعز وتحقق الرادع، يمكن معه ان نقول ان ذاك هو القرار النفسي التكاملي الالهي الحقيقي للحجب وترك المواقع الاباحية.

ولعل هذا الواعز وذاك الرادع لا يكون الا عن ثقافة وايمان بحيث تكون النفس مقتنعة بعدم السعي خلف المشاهدة، وان يذعن الفرد بحكمة وتعقل ويلتفت الى المصالح الاخروية اكثر من المصالح الشهوية.

فلذّة (النظر) لذّة آنية، ولذّة الصبر والتجنّب قد تكون فاعلة وطويلة المدى في الدنيا والاخرة.. نعم هناك فقر يمنع الكثير عن ان يكون مُحصَّناً ومتزوجا، لذا فهو يسعى لما يسد تلك الرغبة بما هو مُحرّم من المواقع، الا ان استبدال ما هو خير بالذي هو ادنى لا محالة امر ممقوت وسمج ومُحرّم، فإسلامنا وديننا واعرافنا لا تسمح لنا الا باتِّباع العقل لا اتِّباع الغرب الكافر، الذي يريد اخراج الجميع من دينه واسلامه وعقله ومجتمعه بتلك الترهات الآنية التي لا تُسمِن ولا تُغني من جوع.

فاسعوا ايها الاخوة لايجاد الرادع الحقيقي ولا يكن رادعكم المنع والا فلن ترتدعوا.

 

صالح محمد العراقي

15 / 9 / 2015