مقالات صالح محمد العراقي

اتحسب نفسك جرماً صغيراً وقد انطوى فيك العالم الاكبر

سبتمبر 6, 2020

لازالت ذرات الثلج تتساقط فاكتست الارض ببياضه… لكن النهار اوشك على الافول فبدأت حمرة الثلج تتراءى

وفي وسط سكون الغروب اصبح البرد قارساً وتجلببت الاجواء بالظلمة واتشحت بالسواد شيئا فشيئا

رحت اسير على طبقات الثلج المتراكم فاسمع صرير الثلج وتغرز قدماي في ثناياه فكل خطوة كأني بها مئات الامتار ولكني لم امش الا بضعة امتار

هبت رياح صار الثلج يتناثر ليحجب عني ما اراه فصير القريب غائبا والبعيد مجهولا.. فصرت اسمع صوت الرياح وصفيقها كأنه دوي الرعد فلا اسمع لا همسا ولا صريخا

واطبقت حمرة الليل المكتحلة ببياض الثلج لتجعل من الازقة ومنازلها كأنها لوحة انسكب زيتها واختلطت الوانها وضاعت معالمها

صرت ابحث عن بصيص نور او لهب شمعة لعله يخلصني من دهماء ليلة باردة يكتنفها الغموض والخوف.. حتى احسست اني في واد غير ذي زرع بعيدا عن صخب المدن ورونقها

فلا صوت بشر ولا صوت ماكنة ولا زجاجة منزل يخترقها نور يضيء دربي فقد اكتست بالثلج من دون هوادة

رحت اقلب وجهي ذات اليمين وذات الشمال لعلي اهتدي او اجد من يخلصني

قدحت في نفسي فكرة الجري في هذا الظلام فكانت اول خطوة سببا في سقوطي وسط الثلج فصحت باعلى صوت ولم يسمع بصوت الرياح قد ملئ المكان

رفعت رأسي من الثلج لانهض… فاذا بنبتة لها بضع وريقات قد خرجت بين ركام الثلج شامخة صامدة.. فصرت انظر اليها بتعجب وحزن.. لكني سرعان ما حداني الامل وتركت الالم

نبتة صمدت وانا لا اصمد!!!!

فنهضت مندفعا وقد زالت عني وساوس الخوف واثام الاستسلام.. فصرت اسير بكل شموخ وعزه… فاذا بصوت الريح تخمد وقطرات الثلج تصغر فساد هدوء شق مسامعي واخترق قلبي بقطرات الامل والمنى

فرفعت راسي الى السماء فاذا بنور القمر يخترق الغمام ليشع على ارض بيضاء ذات بهاء ووقار فرايت الثلج وردا والهواء نسيما واتشحت لوحتي بالوانها الزاهية بلباس الهيبة وصار الليل كأنه السحر الذي يليه الفجر

 فعلمت ان لا استسلم الا للامل ونوره وهداه لا تخلص من قيود الخوف واخرج لافق الخلاص… فان وساوس النفس تراءي لي ان ما حولي مظلم وموحش وجواهر الامل تثبت لي ان العالم انطوى بي ولست جرماً صغيراً لكي استسلم بل استطيع تغيير ما حولي لا ما حولي يغيرني والسلام.

 

صالح محمد العراقي

17 / 1 / 2017